بعد 12 يوماً، تحوّلت فيها إمارة الشارقة إلى وجهة لصنّاع المعرفة والكتاب في العالم كله، أسدل معرض الشارقة الدولي للكتاب الستار على فعاليات دورته الـ44 معلناً استضافة 01,400,73 زائر من 206 جنسية، ومشاركة أكثر من 2350 ناشراً وعارضاً من 118 دولة، ومستكملاً مشروع الإمارة الحضاري، بوصوله للعام الخامس على التوالي أكبر معرض للكتاب في العالم على مستوى بيع وشراء حقوق النشر، حيث جمع خلال "مؤتمر الناشرين" 1599 ناشراً، من 116 دولة، عقدوا 3321 اجتماعاً، خلال 14 ساعة عمل على مدار يومين.
وتصدرت الهند والإمارات وسوريا ومصر والأردن قائمة الجنسيات الأكثر حضوراً في المعرض على التوالي، أما من حيث الفئات العمرية - ما عدا طلاب المدارس - فشكّل الزوّار من الفئة العمرية بين 35 و44 عاماً النسبة الأكبر بواقع 29%، تلتها فئة 25 إلى 34 عاماً بنسبة 28%، ثم فئة الشباب من 18 إلى 24 عاماً بنسبة 15%. وبلغ حضور الفئة العمرية من 54 إلى 60 عاماً نحو 12%، فيما شكّلت الفئة دون 18 عاماً نحو 11%، وجاءت فئة 45 إلى 60 عاماً بنسبة 4%، و1% لمن هم فوق 60 عاماً؛ فيما استقبل المعرض 125,890 طالباً.
وبلغت نسبة الرجال من زوار المعرض 51%، بينما شكّلت النساء 49% من إجمالي الزوّار، فيما استقبل المعرض عبر وسائل النقل البحر 87,674 شخص توافدوا من نقاط تجمع؛ القصباء ومربى الأحياء المائية في الشارقة.
وحقق المعرض نسب رضا عالية من مختلف فئات الزوار والمشاركين، حيث عبّر 96.3% من الزوّار عن رضاهم عن تجربتهم في المعرض، وأعرب 90.91% من العارضين عن رضاهم عن مستوى التنظيم والمشاركة، كما بلغت نسبة الرضا في مؤتمر الناشرين في الشارقة 97.14%، ما يعكس الثقة المتزايدة بالمحتوى والفرص التي يوفّرها المعرض سنوياً.
رؤية ثقافية وإنسانية على طريق تمكين الناشرين
وفي مشهد يجسّد رؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في تمكين المعرفة ودعم صناعة النشر العربي، وجّه سموه بتخصيص 4.5 ملايين درهم لتزويد مكتبات الشارقة العامة والحكومية بإصدارات المشاركين في المعرض، تعزيزاً لمحتواها وإثراءً لمصادرها بمطبوعات عربية وأجنبية حديثة ومتنوعة، إلى جانب دعم الناشرين في المنطقة ومختلف بلدان العالم.
وفي السياق ذاته، أعلنت هيئة الشارقة للكتاب، وبتوجيهات مباشرة من صاحب السمو حاكم الشارقة، ومتابعة من سمو الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسة مجلس إدارة الهيئة، إعفاء دور النشر السودانية من رسوم المشاركة في الدورة الـ44، في خطوة تعكس التزام الشارقة بدعم الناشرين العرب في مواجهة التحديات، وتوسيع فرص وصول الأدب السوداني إلى القرّاء في المنطقة والعالم.
تجربة معرفية وثقافية تركز على القارئ
وفي تعليقه على ختام الدورة الـ44 من المعرض، قال سعادة أحمد بن ركاض العامري، الرئيس التنفيذي لهيئة الشارقة للكتاب: "قدّم معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الرابعة والأربعين تجربة ركّزت على القارئ بوصفه المحور الأساسي للمعرفة؛ فمن خلال شعار (بينك وبين الكتاب) عاش الزوّار تجربة شخصية مع القراءة، حيث وجد كل قارئ مساحة حيّة تفاعل معها بطريقته، واكتشف من خلالها ما يعبّر عن ذاته ويغذّي فضوله المعرفي".
وأضاف: "شكّل التنوع الثقافي الذي شهده المعرض باستقبال زوار من 206 جنسية، موقع الشارقة الراسخ كمركز عالمي للحوار الإنساني، عاكساً رؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الذي آمن بأن الكتاب هو أساس بناء الإنسان فكرياً ومجتمعياً. ومن خلال توجيهات سمو الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسة مجلس إدارة الهيئة، تتبنى الهيئة رسالة واضحة: أن المعرض مساحة تلتقي فيها المعرفة مع الثقافة، والكلمة مع التجربة، ويجد فيه القارئ ما يغذّي فكره، ويقوّي صلته بالعالم من حوله".
شخصية العام وضيف الشرف
وشهد معرض الشارقة الدولي للكتاب تكريم الكاتب والمسرحي المصري محمد سلماوي بلقب "شخصية العام الثقافية" للدورة الـ44 من معرض الشارقة الدولي للكتاب، في تقدير لمسيرته الطويلة وإسهاماته الواسعة في مجالات المسرح والرواية والعمل الثقافي العربي، ولحضوره المؤثر في المشهد الفكري خلال عقود من العطاء.
كما احتفى المعرض باليونان ضيفَ شرف دورته الـ44، مقدماً للزوّار برنامجاً ثقافياً متنوعاً أضاء على إسهامات اليونان في مسيرة الحضارة الإنسانية؛ حيث شاركت اليونان بجناح وطني امتد على مساحة 200 متر مربع، صُمم بروح العمارة الإغريقية الكلاسيكية، وضم 58 ناشراً ومؤسسة ثقافية حضر منهم 28 ناشراً، وعرض 600 عنوان باليونانية وبترجمات عالمية.
1200 فعالية و 750 ورشة عمل و1000 حفل توقيع
وقدّم المعرض أكثر من 1200 فعالية تتنوع بين الجلسات الحوارية والقراءات الأدبية، بالاضافة إلى 750 ورشة عمل قدمها 28 ضيفا من 9 دول. وضمن البرنامج الثقافي، استضاف "مقهى الشعر" أمسيات شعرية بـ8 لغات مختلفة، تشمل اللغة العربية، اليونانية، الإنجليزية، الروسية، الأردية، البنجابية، المالايالامية، والتاغالوغية.
وقدم 14 طاهياً عالمياً 35 جلسة طبخ حي في "ركن الطهي"، فيما شهد المعرض توقيع أكثر من 1000 إصدار جديد في "ركن التواقيع" وضمن أجنحة المعرض.
عروض مسرحية وتفاعلية جمعت بين الترفيه والتعليم
وشهدت الدورة الـ44 من معرض الشارقة الدولي للكتاب حضوراً لافتاً للعروض المسرحية والتفاعلية التي جمعت بين الترفيه والتعليم، حيث قدّم عرض "مختبر العلوم 360°" بقيادة عبدالله عنان تجربة علمية حولت خشبة المسرح إلى مختبر حي، قدّم خلاله سلسلة من التجارب الكيميائية الحية بأسلوب تفاعلي ومؤثرات بصرية جذابة، أثارت فضول الأطفال وقرّبتهم من مفاهيم العلوم.
كما استمتع الزوّار من العائلات والأطفال بالمسرحية الخيالية "الخشيشة" (Hide and Seek)، التي أخذت الجمهور في رحلة داخل مصنع تكنولوجي مبتكر، مليء بالمفاجآت والتجارب. إضافة إلى أمسية فنية التقى خلالها جمهور المعرض مع الموسيقار محمد القحوم.
جديد المعرض: تجارب وجدانية وإعلامية
وقدّم معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الـ44 تجارب جديدة من أبرزها "صيدلية الشعر" التي تتيح للزوار الحصول على "وصفات شعرية" مخصصة لحالاتهم المزاجية، في عبوات صغيرة تحاكي علب الدواء، يجد الزائر قصائد مختارة بالعربية والإنجليزية، تُقدَّم بوصفها علاجاً أدبياً للروح، ضمن محاور مثل: الإنقاذ الذاتي، مساحة الأمان، شرارة الإبداع، وطاقة البهجة.
كما شهد المعرض للمرة الأولى إطلاق محطة الحديث الصوتي "البودكاست"، التي جمعت عدداً من أبرز البرامج الصوتية العربية، ووفّرت مساحة جديدة للحوار والمحتوى المسموع، من بينها: "أسمار" ، و"جولان".
وضمن جهود معرض الشارقة الدولي للكتاب في توسيع أثره الثقافي بأساليب مبتكرة، استحدثت الدورة الـ44 "أكاديمية التواصل الاجتماعي – بوب أب"، كمنصة تفاعلية تجمع بين التعلم والإلهام والترفيه، من خلال 24 جلسة يقودها مؤثرون وخبراء في مجالات الأدب والإعلام والفن والتكنولوجيا.
شخصيات عربية وعالمية
وشهدت الدورة حضوراً لافتاً لعدد من الكتّاب والمفكرين، إلى جانب نخبة من نجوم الفن والأدب من الإمارات والعالم، والذين أثروا برنامج المعرض بحواراتهم وقراءاتهم وتجاربهم، منهم النجم العالمي ويل سميث، والدكتور سلطان العميمي، والدكتور زاهي حواس، والكاتب طالب الرفاعي، والدكتور وسيم السيسي، والمتحدث ورجل الأعمال المصري محمد جودت، إلى جانب نجمي السينما العربية خالد الصاوي وظافر العابدين، والكاتب الإيطالي البروفيسور كارلو روفيلي، والايرلندي باول لينش وغيرهم.
ختم خاص يحمل شعار المعرض في مطار الشارقة
وأطلقت هيئة الشارقة للكتاب، بالتعاون مع الهيئة الاتحادية للهوية والجنسية والجمارك وأمن المنافذ في إمارة الشارقة، وبدعم من هيئة مطار الشارقة الدولي الراعي للمبادرة، ختمًا خاصًا يوضع على جوازات سفر القادمين إلى دولة الإمارات والمغادرين عبر مطار الشارقة الدولي، يحمل شعار الدورة الـ44 من معرض الشارقة الدولي للكتاب، لتقدّم للزوار تجربة ترحيبية تعبّر عن مكانة الشارقة كعاصمة للثقافة والكتاب.
مؤتمرات ودورات مصاحبة للمعرض
سلّط "مؤتمر الناشرين" خلال دورة هذا العام الضوء على واقع النشر العربي ودوره الثقافي في المشهد العالمي، عبر ورش مثل نشر كتب الأطفال، وتخطيط وتنفيذ الحملات الصحفية للإصدارات الجديدة، ودور الناشرين العرب في دعم أهداف التنمية المستدامة، والتواصل الفعّال في نشر وصناعة الكتاب، وإدارة أزمات النشر، وغيرها من الجلسات التي هدفت إلى خلق منظومة نشر قادرة على التكيّف مع التغيرات العالمية، بما يعزز مكانة الشارقة منصةً جامعة لصنّاع الكتاب في العالم. وسجلت الدورة أكبر حضور للناشرين الأفارقة خارج إفريقيا، أوسع مشاركة آسيوية من الهند وشرق القارة، وأضخم حضور أوروبي خارج أوروبا،
وشهد "مؤتمر الشارقة الدولي للمكتبات" الذي تنظم هيئة الشارقة للكتاب بالتعاون مع "جمعية المكتبات الأميركية"، بالتزامن مع فعاليات الدورة الـ44 من معرض الشارقة الدولي للكتاب حضور 400 متخصصاً من الأكاديميين والباحثين وأمناء المكتبات من 30 دولة من مختلف أنحاء العالم، قدموا نقاشات أكاديمية ومهنية حول تطوير بيئات المعرفة وتعزيز دور المكتبات كمراكز فاعلة للتعلم والتواصل المجتمعي.
ونظمت الهيئة قبيل انطلاق المعرض "الدورة التدريبية للناشرين العرب والأفارقة 2025"، بالتعاون مع جامعة نيويورك، بمشاركة 161 ناشراً من 18 دولة، من بينهم 75 ناشراً من القارة الإفريقية، إلى جانب حضور نخبة من الكتّاب والمتخصصين في صناعة النشر من مختلف أنحاء العالم، وركّز البرنامج هذا العام على ثلاثة محاور رئيسية تشمل: إدارة المحتوى الصوتي وتطوير الاستراتيجيات الفعّالة في نشر الكتب المسموعة، وتحويل الأعمال العائلية في قطاع النشر إلى علامات تجارية عالمية، واستراتيجيات التوزيع الرقمي الحديثة، بما يعكس التوجه المتنامي نحو الابتكار في صناعة النشر، وتبنّي أحدث التقنيات لتعزيز انتشار المعرفة، وتوسيع الأسواق أمام الناشرين من العالم العربي وإفريقيا.










