دعا بدر جعفر، الرئيس التنفيذي لشركة الهلال للمشاريع، إلى إنشاء شبكة خليجية مؤسسية للأعمال الخيرية تحثّ جميع الشركات على الاستفادة من قدرة العطاء الاستراتيجي المؤسسي على إحداث التغيير خدمةً للمجتمعات، خصوصاً وأن الشركات في جميع أنحاء المنطقة والعالم تؤدي دورًا قياديًا في التعافي الاقتصادي ما بعد الجائحة.
وقال بدر جعفر، الذي أسس أيضاً مركز العمل الخيري الاستراتيجي في جامعة كامبريدج، في قمة إعادة تعيين الوظائف التي عقدها المنتدى الاقتصادي العالمي يوم الثلاثاء: "عدى عن التداعيات المُدوِية التي خلّفتها الجائحة، أتاحت هذه الأزمة العالمية للكثيرين الفرصة لإعادة النظر في الدور الاجتماعي الجوهري الذي يؤديه قطاع الأعمال في الظرف الراهن، بل وبيّنت أنه في هذه الأوضاع، لا يسع الأعمال سوى أن تقود مساعي التصدي للتحديات الاجتماعية والبيئية."
وأضاف جعفر: "وليس هذا مجرد واجب أخلاقي بحتٍ بل هو تجاري أيضاً، يخلق بين تحقيق النجاح الاقتصادي طويل الأجل والتأثير المجتمعي الإيجابي رابطاً وثيقاً غير منفصم."
وجمعت قمة المنتدى الاقتصادي العالمي لإعادة تعيين الوظائف قادة العالم وكبار المديرين التنفيذيين للأعمال، للتعاون على تشكيل مبادرات تعافٍ اجتماعي واقتصادي عادل وشامل ومستدام. لقد خسرت القوى العاملة العالمية خلال عام 2020 ما يعادل 255 مليون وظيفة بدوام كامل، و3.7 تريليون دولار في الأجور و4.4٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. ورغم التوقعات بتحسن الأوضاع وتطلعات النمو، يبقى التعافي الاجتماعي والاقتصادي العادل هدفٌ غير مضمون.
وأدلى بدر جعفر بتعليقاته خلال جلسة بعنوان "رؤية جديدة لقيادة الأعمال من أجل العدالة الاجتماعية"، وانضم إليه متحدثون آخرون، بما فيهم شارون ثورن، الرئيس العالمي لشركة ديلويت، وإيبوني بيكويث، الرئيس التنفيذي لمؤسسة "قوة المبيعات" Salesforce Foundation، وجاكلين فولر، رئيسة جوجل" Google.org، أساهي بومبي، رئيس مؤسسة جولدمان ساكس، وجوناس بريسينج، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمجموعة مانباور.
وبصفة مؤسس مبادرة بيرل، وهي مؤسسة غير ربحية تأسست عام 2010 لتعزيز معايير حوكمة الشركات في منطقة الخليج، ناقش جعفر أيضاً الدور الأساسي الذي تؤديه الحوكمة في تمكين الشركات من الصمود أمام الصدمات المستقبلية، إذ قال: "يجب ألا نتعامل مع معايير البيئة والاستدامة والحوكمة كل منها على حدة، فهي في الحقيقة مكونات مترابطة ومتداخلة. كما أن الأهداف البيئية والاجتماعية وجهان لعملة واحدة، والحوكمة هي برأيي الرابط الوثيق فيما بينها. تُعد الحوكمة من عدة نواحٍ الجانب الأهم لأجندة معايير البيئة والاستدامة والحوكمة، كيف لا والحوكمة المؤسسية المتينة هي الأساس الراسخ الذي تقوم عليه أهداف الشركة ومساعيها."
وتناول النقاش أيضاً تبني الأعمال الخيرية الاستراتيجية شريكاً مهماً لتحقيق آثار اجتماعية أقوى على مستوى العالم، لا سيما في المجتمعات الأكثر ضعفاً. ونظراً لأن الأسواق الناشئة قد ضمّت في عام 2019 أسرع 30 اقتصاد نمواً في العالم، وأنه من المتوقع انتقال ثروات تزيد عن 5 تريليون دولار من جيل إلى آخر في هذه المجتمعات على مدى السنوات العشر القادمة، سنشهد فيها زيادة كبيرة في النشاط الخيري على مدى السنوات المقبلة.
وقال جعفر: "لطالما كان العمل الخيري مجالاً مُهملاً ومهمّشاً في إطار منظومة الرأسمالية، ويراه الكثيرون اعتباراً ثانوياً، بل ويُنظر إليه في بعض الدول بعَيْن القلق والريبة. الحقيقة هي أنه في كل عام، يتم توزيع أكثر من تريليون دولار من رأس المال الخيري الخاص، أي أكثر من ثلاثة أضعاف الميزانية السنوية للتنمية العالمية والمساعدات الإنسانية مجتمعة. هذه فرصة فريدة علينا ألا نهدرها، وأن نحرص على توزيع هذه الأموال باستراتيجية لنضمن تعظيم آثارها ووصولها إلى حيث تشتد الحاجة إليها."
تشير التقديرات إلى أن أكثر من 10 بالمئة من ساعات العمل في منطقة الشرق الأوسط قد ضاعت في الربعَيْن الثاني والثالث من عام 2020 بسبب الجائحة، أي ما يعادل 24 مليون وظيفة بدوام كامل. ومن هذا المنطلق، أكّدت الجلسة الحاجة الملحة لأن تتعاون الشركات للتخفيف من الأضرار الاجتماعية والاقتصادية المتمخضة عن ذلك مع ضرورة تنسيق الجهود.
وتحدّث جعفر عن فرص التعاون إذ قال: "التنافس ما بين الشركات هو أمر حتميّ، ولكن علينا ألا نغفل عن الآثار والمنافع الهائلة التي يمكننا تحقيقها بالتعاون والعمل يداً بيد في بلوغ مهماتنا الاجتماعية، وهناك العديد من السبل لمثل هذا التعاون، مثل تجميع رأس المال، ومشاركة البيانات، والذكاء والتعلم، والاستفادة من شبكات بعضنا البعض، أو حتى مجرد تبادل الأفكار معاً".
عقدت قمة إعادة تعيين الوظائف مناقشات عن أربعة محاور: النمو الاقتصادي والتعافي والتحول، والعمل والأجور وخلق فرص العمل، والتعليم والمهارات والتعلم، والتنوع والإنصاف والإدماج والعدالة الاجتماعية.