شهد سمو الشيخ سلطان بن أحمد بن سلطان القاسمي ، نائب حاكم الشارقة ، رئيس مجلس الشارقة للإعلام ، صباح اليوم الخميس ، افتتاح النسخة السابعة من المهرجان الدولي للتصوير "اكسبوجر" الذي ينظمه المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة ، في الفترة من 9 لغاية 15 فبراير الجاري ، وذلك في مركز إكسبو الشارقة .
ويضم المهرجان أكثر من 100 مصور عالمي ، يعرضون على مدار 7 أيام 1794 صورة في 68 معرضاً فردياً وجماعياً ، متيحاً الفرصة أمام الجمهور من كافة شرائح المجتمع من عشاق التصوير ، سواء المحترفين أو الهواة للاطلاع والتعرف على تجارب مبدعين وفنانين ومتخصصين في الفنون المرئية ، كما يفتح المجال أمام العاملين في الصناعات الإبداعية من مصممين ، وصناع أفلام ، ومخرجين للتواصل مع نخبة من العاملين في مجال إنتاج المحتوى المصوّر ، إلى جانب لقاء قادة فكر وصنّاع رأي من المتخصصين بقضايا حماية البيئة والمناصرين لقضايا إنسانية على مستوى العالم .
استهل حفل الافتتاح بالسلام الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة ، تلاه عرض فيلم قصير ، يروي قصة الشغف بالتصوير التي رافقت أحد الأطفال منذ صغره ، وكيف يقود الإصرار من يعشقون الكاميرا إلى الإخلاص لشغفهم حتى النهاية ، حيث يبرز الفيلم في مشهده الأخير نجاح المصوّر في تحقيق حلمه والوصول إلى منصة اكسبوجر التي تتوج مشاهير المصورين بجوائز المهرجان .
وشهد الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي الجلسات الافتتاحية من المهرجان ، التي تحدث فيها ثلاثة من كبار المصورين العالميين من ضيوف المهرجان ، هم المصور دان وينتر ، والمصورة كارن زوسمان ، والمصوّر جيمس بالوغ .
وفي كلمة له خلال حفل افتتاح المهرجان أشار طارق سعيد علاي ، مدير عام المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة ، إلى قوة الصورة في تصحيح الأفكار النمطية التي يكرسها الجمهور عن البلدان والأشخاص والأحداث ، حيث عرض صورة ساحرة لفارس يستلقي على ظهر خيل على شاطئ البحر ، موضحاً أن هذه الصورة في فلسطين ، ولم يكن لكم لأحد أن يتوقع ذلك لأن الصورة الراسخة عن فلسطين تتجسد في الظروف الصعبة والقاسية ، لكن الحقيقة غير ذلك والصورة قادرة على إكمالها .
وتطرق طارق سعيد علاي إلى الرسالة التي تحملها الصورة متحدثاً // إن تأملنا للصور يعين على استكمال تصورنا للأمكنة والحقائق ، ويؤكد لنا أن للحياة مكان وسط الظروف القاسية ، وأن الجمال في كل مكان من حولنا ومهمتنا أن نراه ونعيشه ، وتتمثل رسالة فن التصوير التي يرسخها المهرجان ، في أن الصورة قادرة على إعادة خلق الوقائع في الذهن والمخيلة ، وقادرة على ترتيب الأولويات الإنسانية //.
وكشف مدير عام المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة عن أهداف المهرجان منذ النسخة الأولى قائلاً // مع الأحداث المتغيرة التي يمر بها العالم نأتي إلى اكسبوجر لنستذكر حقيقة أن الجمال لا يزال موجوداً رغم الفوضى ، وهذا هو هدفنا منذ اليوم الأول للمهرجان ، وما يجعل هذه المسيرة دائمة ومستدامة هي رؤية الشارقة ورسالتها الراسخة التي رسمت لنا الطريق وما يقرب منا هذه الأهداف هو موقفنا من الإبداع الذي يحمل القيم النبيلة والمعاني السامية ، فنحن ندعم الإبداع المسؤول الذي يلتزم بواجبه تجاه البشرية ، فيحمي قدرتنا على الدهشة ، ويزرع في القلوب الشعور بالأمن والأمل //.
من جانبه ، قال المصور دان وينترز خلال حديثه في حفل الافتتاح // لقد بدأت التصوير عندما كنت صغيراً في مجال الصحف والمجلات ، لأني كنت أحب صور المجلات ، وهذا ما قادني لاحتراف مهنة التصوير ، وقادني لتوثيق وتسجيل أحداث كبيرة من مسيرة المنجزات الإنسانية ، فقد صورت مشروع هبوط مركبة أبولو 11 ، وواجهنا في ذلك المشروع تحدياً كبيراً ، فقد تجاوزنا الميزانية المخصصة للمشروع ، وأخبرني رئيس تحرير مجلة ناشيونال جيوفراغيك شيئاً بقي صداه معي حتى الآن : كيف يمكننا أن نتوقع من القارئ القيام برحلة إذا لم نقم بها بأنفسنا أولاً؟ //.
وأضاف ونترز // بعد ثلاثة أعوام سيحتفي فن التصوير بمئويته الثانية ، وأشعر بالقلق من ضياع أرشيف العالم من الصور ، بعد أن أصبح الجميع يحتفظون بما لديهم من صور فوتوغرافية في أجهزة الحاسوب ، ما يجعل حوالي 50 مليار صورة يتم التقاطها سنوياً في عصرنا الحالي ، معرضة للضياع بفعل الاقتصار على تداولها افتراضيا عبر الوسائط الحديثة بدلاً من طباعتها كما كان يحدث في السابق ، فإلى أين سيفضي بنا هذا الطريق ، وهل سيؤثر على الدور الرئيس للتصوير في عملية التوثيق//.
وتابع المصّور الذي يعرض لجمهور المهرجان الدولي للتصوير "اكسبوجر" صوراً لشخصيات سياسية ورياضية وفنية معروفة ومؤثرة ، قائلاً // على الرغم من محبتي لمشاريع تصوير البورترية ، إلا أن شغفي كان دائماً تصوير الرحلات إلى الفضاء منذ انطلاق رحلة أبولو لاستكشاف سطح القمر في الستينيات من القرن الماضي ، لهذا أنا ممتن للتصوير لأنه أخذني إلى أماكن بعيدة ، فلم أكن أتخيل أن أكون جزءاً من مهمة أبولو عندما كنت في السابعة من عمري//.
بدورها تحدثت المصورة العالمية كارن زوسمان خلال عرضها لأعمالها في حفل افتتاح المهرجان بقولها // دخلت إلى عالم التصوير في وقت متأخر من حياتي ، وقادتني تمارين التأمل إلى ميانمار ، حيث شهدت حوادث مريعة لتهريب الأطفال الصغار وإدخالهم إلى سوق العمل السوداء بشكل غير قانوني //.
وخلال بحثها عن طريقة لجذب الانتباه العالمي نحو هذه القضية ، أدركت حاجتها لتوثيق ما يحدث بصرياً ، واتخذت لنفسها مبدأ "لتكون راوي قصص مؤثرة يجب أن تكون مصوراً" ، حيث أسهمت صورها القوية بتسليط الضوء على قضايا هؤلاء الأطفال ، ثم اختارت دولة كوبا للعمل على مشروعها التالي ، لكنها علقت في الولايات المتحدة بسبب جائحة فيروس كورونا ، وخلال تواجدها في الولايات المتحدة ، انضمت إلى حملات ضد العنصرية في منطقة برونكس بمدينة نيويورك بعد مقتل جورج فلويد على يد الشرطة ، ثم ركزت على حياة الأطفال في الأحياء التي يقطنها غالبية المواطنين الأمريكيين من أصول أفريقية .
ومن هناك انطلق مشروعها "قوتي الخارقة" الذي لاقى استحساناً عالمياً ، حيث عملت على تصوير وتوثيق لوجوه الأطفال في أماكن مختلفة في الحدائق والشواطئ ، ونجحت في نسج صداقة مع أولئك الأطفال وسمحوا لها بتصويرهم ونقل تعابير وجوههم أثناء لحظات الفرح والحزن وفي أوقات اللعب والتأمل ، وأنها عرفت أثناء رحلتها الفنية أن احتراف التصوير كان نقطة تحول في حياتها ودفعتها بعض الصور التي التقطتها حول قضايا الطفولة إلى إنشاء مؤسسة غير ربحية تساعد الأطفال على الالتحاق بالدراسة والتعرف على مواهبهم التي تؤهلهم للمستقبل .
وأكد المصوّر العالمي جيمس بالوغ أن عالمنا اليوم يشهد فائضاً من المعلومات ، وقصوراً في الانتباه ، وشدد على أن المصورين قادرون على استخدام العمليات العقلية والإدراكية لمساعدة الناس على الانتباه إلى ما يدور من حولهم من خلال السرد القصصي البصري .
وتحدث جيمس بالوغ عن العلاقة بين الإنسان والطبيعة خلال عرضه لأرشيف الصور المستوحاة من الطبيعة ، وأشار إلى أن الخلفية العملية التي جاء منها حفزته على استكشاف ظاهرة "التكتونيكس البشري" موضحاً // يمتلك البشر القدرة في التأثير على سطح الأرض وطبقتها الخارجية ، فكما تؤثر البراكين والزلازل وغيرها من الظواهر الطبيعية على طبوغرافيا الأرض ، يتسبب الإنسان بشكل مباشر بظواهر مثل التصحر والجفاف والتهديد بانقراض المزيد من الحيوانات التي لم تعد قادرة على التأقلم مع ما يحدث للأرض من تغيرات مناخية ، وخلال الـ20 عاماً الماضية ازداد متوسط درجات الحرارة درجة واحدة سنوياً ، ولهذا فإن التغير المناخي ليس فكرة مجردة بل حقيقة واقعية //.
وختم خطابه بعرض مجموعة صور لحرائق الغابات وذوبان الجليد ، بفعل تأثيرات الاحتباس الحراري وارتفاع درجة حرارة الأرض وتأثر طبقة الأوزون بالانبعاثات الكربونية ، وهو المشروع الذي يعمل على تصويره بكاميرات وأجهزة خاصة منذ 17 عاماً ، وتمكن عبره من توثيق ذوبان جبال الجليد وتشكل بحيرات جديدة لم يكن لها أثر من قبل ، ما دفع عدد من الجامعات في الولايات المتحدة إلى إدراج صوره في أرشيفها ومكتباتها لأغراض علمية ، ما يتيح للعلماء التنبؤ العلمي لسنوات قادمة بأثر ذوبان الجليد على كوكبنا .
وعقب حفل الافتتاح تجول سمو نائب حاكم الشارقة في أروقة وأجنحة المهرجان مطلعاً على المشاركات المعروضة وملتقياً المصورين المشاركين في المهرجان ، حيث استمع سموه إلى شرحٍ مفصل عن مختلف الصور المشاركة والأعمال المعروضة منهم ، كما تعرف سموه على الجوانب الفنية والتقنيات المستخدمة في الصور .
كما زار سموه أجنحة الجهات المشاركة والراعية التي تقدم مشاركات متنوعة تحاكي فنون التصوير ورسالته وتدعم المصورين الشباب في مختلف المناسبات والمبادرات .
ويشتمل برنامج المهرجان على 41 ندوة وجلسة نقاشية يشارك فيها كبار مصوري العالم ، وفعاليات تعليمية وترفيهية تستضيفها "المنصة X" لتعزيز تفاعل الجمهور مع المهرجان ، و63 ورشة عمل تفتح أمام هواة ومحترفي التصوير فرص اكتساب مهارات وخبرات إضافية في التقاط الصور في مختلف الظروف والأماكن باستخدام أحدث التقنيات والاستفادة من تجارب محترفي التصوير الفوتوغرافي ورحلاتهم وتجاربهم التي أثروا من خلالها فن التصوير .
ومن الفعاليات الرئيسة التي ينظمها المهرجان "القمة البيئية" التي تركز في هذه الدورة على التغير المناخي ودور التصوير الفوتوغرافي في توثيق تحولات المناخ على كوكبنا ، فيما تتاح الفرصة لهواة اقتناء الصور من خلال قسم "سوق الصور" في المهرجان ، كما يشهد المهرجان عدداً من حفلات توقيع الكتب ، وحفل توزيع جوائز المهرجان ، و"المعرض التجاري" الذي يسلط الضوء على مجموعة من أحدث معدات التصوير التي تساعد المغامرين والهواة والمحترفين على تطوير مشاريع تصوير بتقنيات جديدة تناسب مختلف أغراض التصوير الفوتوغرافي .
شهد حفل الافتتاح بجانب سمو نائب حاكم الشارقة كل من الشيخ سعود بن سلطان بن محمد القاسمي مدير مكتب الشارقة الرقمية ، والشيخ سالم بن محمد بن سالم القاسمي مدير هيئة الإنماء التجاري والسياحي ، وعدداً من كبار المسؤولين رؤساء الدوائر الحكومية ، وجمع من المصورين العالميين وهواة التصوير والإعلاميين .