بعد أن سجل للعام الثاني على التوالي، تاريخ أكبر معرض للكتاب على مستوى العالم على مستوى بيع وشراء حقوق النشر، وضع فيها الثقافة العربية في صدارة المشهد العالمي، اختتم "معرض الشارقة الدولي للكتاب" إثني عشرة يوماً من فعاليات دورته الـ 41، نجح خلالها أن يحوّل الإمارة إلى ملتقى لثقافات العالم وفضاء لحوار الفكر والفن والإبداع والمعرفة، مستضيفاً 2.17 مليون زائر من 112 دولة؛ 54.2% من الرجال، و45.8% من النساء، و40.8% من الفئة العمرية بين 16 و25 سنة، و35.1 % من الفئة العمرية بين 26 - 45.
وجسد المعرض رسالته في بناء أجيال جديدة من القراء، حيث استقبل على مدار 12 يوماً 218 ألف طالباً وطالبة، مثل المعرض لهم وجهة ثقافية سنوياً مهمة لتزويد مكتباتهم بجديد الإصدارات العربية والأجنبية، وحدثاً للالتقاء بكتابهم المفضلين، والشخصيات المؤثرة، من مبدعين، وأدباء، وصانعي محتوى.
وأخذ المعرض الذي احتفى هذا العام بإيطاليا ضيف شرف دورته الـ41، الجمهور إلى المعنى الجوهري لشعار فعالياته (كلمة للعالم)، حيث وجه رسالة للبشر في كل مكان، أكد فيها أن الكتب ليست لهواة الأدب والتاريخ والفكر وحسب، وإنما هي لكل من له اهتمام، ولكل صاحب هواية وشغف، فقد جمع المعرض نجوم السينما العرب، ونجوم الغناء، وحتى أعلام وكبار الرياضيين، واضعاً الثقافة في مكانها الحقيقي المرتبط بحياة الناس وتفاعلاتهم وممارساتهم لتفاصيل عيشهم اليومي.
ومن زلاتان إبراهيموفيتش، نجم نادي إيه سي ميلان، إلى ملك بولوود النجم العالمي، شاروخان، مروراً ببطل مسلسل الإختيار النجم المصري؛ أحمد السقا، وببطل "الفيل الأزرق"، و"أولاد العم"، الممثل المصري كريم عبد العزيز، وصولاً إلى المطرب السعودي عبادي الجوهر، وضع المعرض جمهوره أمام كل هذه النجوم والشخصيات العالمية ليحيلهم إلى المعارف والكتب التي تتناول الفكر، الفن، والموسيقى، والدراما، والرياضة ويكشف لهم أنه (إذا كنت مهتماً بشيء.. يعني مهتم بالكتب).
ووضع المعرض، الذي احتفى بالبروفيسور المؤرخ السوداني يوسف فضل الحسن، شخصية العام الثقافية، حاصدي كبرى الجوائز الأدبية، وكبار الأدباء والمفكرين والمترجمين في حوار متواصل على مدار أيامه، حيث استضاف الكاتب السريلانكي شيهان كاروناتيلاكا الفائز بجائزة البوكر العالمية للرواية لعام 2022، والروائي واسيني الأعرج، والكاتب الروائي أحمد مراد، والشاعر سلطان العميمي، والشاعرة خلود المعلا، وغيرهم الكثير من الأدباء والمفكرين والمثقفين.
فكانت قاعات المحاضرات تفتح بوابات من النقاش على أبرز قضايا الأدب، والترجمة، ومستقبل الاتصال، والتواصل، وراهن الفكر العربي والغربي، وتحديات البحث والتوثيق والتأريخ، فعلى مدار أيامه نظم المعرض أكثر من 200 فعالية ثقافية.
وسلط المعرض هذا العام الضوء على التجربة الإفريقية في الأدب، واحتفى بأدباء المهجر المعاصرين، ببرنامج فعاليات خاصة استضافت خلالها كتاب وأدباء، كما فتح المجال أمام زواره ليطلعوا بعمق على تاريخ وراهن المشهد الثقافي الإيطالي، فلم تكن الكتب الإيطالية والأدباء الإيطاليين حاضرين، وحسب، وإنما كان الفن والطهي والأزياء، والموسيقى، حاضرة بسلسلة عروض وأنشطة متواصلة.
وأكد المعرض جهوده الكبيرة في تعزيز مكانة الشارقة مركزاً لقيادة قطاع النشر في المنطقة والعالم، حيث فتحت المنطقة الحرة لمدينة الشارقة للنشر أبوابها أمام الناشرين المشاركين في المعرض، بحزمة تسهيلات وخدمات نوعية تجسد تفردها في المنطقة والعالم، فاستقطبت 26 دار نشر تتطلع لتوسيع أعمالها في دولة الإمارات والخليج والمنطقة، بينها دور نشر من مصر، وسوريا، ولبنان، والأردن، والهند، وبريطانيا، والمغرب، والجزائر، وتونس، وغيرها من الدول العربية والأجنبية.
وقدم المعرض نموذجاً في دعم المكتبات وتفعيل أثرها في صناعة المعرفة في الإمارات، إذ وجه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، بتخصيص منحة قدرها 4.5 مليون درهم لتزويد مكتبات الشارقة العامة والحكومية بأحدث الإصدارات من دور النشر المشاركة في المعرض.
وفتح المعرض المجال أمام الجمهور للقاء أبرز صناع المحتوى المعرفي والإبداعي على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث استضاف اليوتيوبر المصري المعروف أحمد الغندور المعروف بـ(الدحيح)، والدكتور خالد غطاس، والمصرية صاحبة (ماذا لو) إيمان صبحي، وغيرهم من المؤثرين والمبدعين، كما خصص المعرض ركناً لمواقع التواصل الاجتماعي، نظم خلاله فعاليات وورش حول تقنيات صناعة المحتوى، ومهارات التواصل مع الجمهور، وغيرها.
وحقق المعرض حضوراً وتفاعلاً كبيراً على منصات التواصل الإجتماعي، حيث شهد أكثر من 38 مليون تفاعل، ووصلت منشورات المعرض إلى أكثر من 7 مليون مستخدماً، وعلى المواد المرئية من منشورات المعرض بلغ عدد المشاهدات أكثر من 18 مليون مشاهدة، فيما بلغ عدد المتفاعلين مع وسم المعرض #sibf22 ، أكثر من 78 مليون تفاعل، أما المنشورات باستخدام الوسم نفسه باللغتين العربية والإنجليزية فوصلت 8400 منشور.
وقال سعادة أحمد بن ركاض العامري، رئيس هيئة الشارقة للكتاب: "يختتم معرض الشارقة الدولي للكتاب فعاليات دورته الـ41 بأكثر مليوني زائر، وهم ليسوا مجرد زوار جاؤوا لشراء الكتب، بل هم سفراء كلمتنا للعالم، سفراء رؤية هيئة الشارقة للكتاب، سفراء توجهات إمارة الشارقة ومشروعها الثقافي الذي انطلق منذ أكثر من خمسة عقود بتوجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، ونما وازدهر، وأثمر منجزات كبيرة كان آخرها، تصدر معرض الشارقة الدولي للكتاب معارض الكتاب العالمية للمرة الثانية على التوالي".
وأضاف العامري: "واحدة من الأهداف الجوهرية للمعرض كانت تعزيز الوعي بأهمية القراءة، وبناء مجتمعات تؤمن بقيمة الكتاب وتأثيره على مستقبلهم، وهذا ما وصلنا به إلى مراحل كبيرة على أرض الواقع، فكان هدفنا أن نتجاوز الفكرة النمطية أن القراءة للمثقفين، الذين يقرأون كتب الأدب، والتاريخ، والشعر، والفكر، وحسب، أردنا أن نفتح الأفق أمام كل فئات المجتمع بتنوع اهتمامتهم للوصول إلى كتب تلبي شغفهم، سواء كانوا يحبون السينما، أو الموسيقى، أو الرياضة، أو العمارة، أو الأزياء، أو غيرها من الاهتمامات، وهذا ما انعكس على تنوّع ضيوف المعرض، ونوع مشاركتهم وعلاقتهم بالكتب".
من جانبها، قالت خولة المجيني، منسق عام معرض الشارقة الدولي للكتاب: "قدمت فعاليات دورة العام الجاري من المعرض تجربة متكاملة استقطبت الزوار من كافة أرجاء الدولة والمنطقة والعالم، وجذبت نجوم عالم الأدب والسينما والفن والرياضة للمشاركة في برنامج المعرض الثقافي، وما هذا الإقبال الجماهيري الكبير إلى دلالة على مكانة معرض الشارقة الدولي للكتاب ودوره في تعزيز تجارب الزوار بكافة أعمارهم وجنسياتهم".
يشار إلى أن معرض الشارقة الدولي للكتاب جمع 2213 ناشر من 95 دولة، و150 كاتباً ومفكراً من 57 دولة، وقدم على مدار 12 يوماً 1500 فعالية.