يروي " متحف الشارقة البحري " حكايات الشارقة البحرية المشوقة، وقصصها الممتعة، و الكثير من الموروث البحري الحافل، والذي تم جمعه وتوثيقه من خلال أهالي الشارقة الذين كان البحر جزءا هاما في حياتهم اليومية .
تم افتتاح متحف الشارقة البحري لأول مرة في منطقة التراث في عام 2003 ثم انتقل إلى مقره الجديد في منطقة الخان و أعيد افتتاحه في السابع من أبريل في عام 2009.
يركز المتحف على الحياة البحرية التي كانت تشكل جزءا رئيسيا من تراث الشارقة حيث لعب البحر دورا مهما في تطور المدن الساحلية، وكان سببا في ازدهارها قبل أكثر من 6 آلاف سنة حيث كان الأجداد في السابق يعيشون صعوبة الظروف المناخية والطبيعية ويكافحون من أجل لقمة العيش فوطئوا الأكناف وركبوا المعالي مع قسوة العيش وجفوة الأرض.. فقد كان صيد اللؤلؤ المرتبة الأولى والرئيسية في نشاط الأجداد يليه الصيد وكانوا يقصدون أقدم مصايد اللؤلؤ في سواحل الهند والخليج العربي والتي كانت تستغل من أيام المقدونيين وأهم المناطق في الخليج العربي حول جزر البحرين والإمارات وبعد استخراج مكنونات البحر يتم بيعها في الهند حيث كان ميناء بومباي بالهند السوق الذي يتردد عليه تجار اللآلئ لبيعها.
وبرع العرب في الملاحة والاهتداء بالنجوم منذ القدم وتم اختراع البوصلة من قبل الملاح أحمد بن ماجد في أطوارها الأولى وفي أواخر النصف الثاني من القرن الـ12 لم يكونوا يستعينون بالخرائط الملاحية ولا البوصلات بل يسترشدون بالشمس والنجوم ولون عمق المياه للذهاب إلى الهيرات وثم تم وضع النالية وهي خريطة مغاصات اللؤلؤ والتي وضعها الشيخ مانع بن راشد آل مكتوم بمساعدة السردال حميد البسطي سنة 1359 هــ - 1940 م أما السفن التجارية فكانت تستدل بالخرائط الملاحية والبوصلات لبعد المسافات المقطوعة.
و يستعرض متحف الشارقة البحري السفن الخشبية التقليدية التي جابت البحار لأغراض الصيد، والغوص بحثا عن اللؤلؤ، والتجارة، ويمكن للزائر أن يتعرف على الأنواع المختلفة من السفن التي تتباين أشكالها تبعا لطبيعة استخداماتها وسيحظى بمشاهدة اللآلئ المبهرة التي كان أجدادنا يجمعونها من أعماق الخليج، فهي ما زالت تتمتع بذاك البهاء الذي أشرقت به منذ لحظة إخراجها من صدفاتها قبل عقود بعيدة والتعرف على عالم البحار الممتع، والطرق التقليدية لصيد الأسماك، والأهازيج البحرية، ورحلات الغوص، والتجارة إلى الشواطئ القصية في البحار والمحيطات ويمكنه أخذ جولة حول المتحف والتعرف على أسماء فريق الصيد والبحارة المكون من النوخذة و هو قائد السفينة والآمر والناهي فيها والحاكم على ظهرها والقاضي إذا تطلب الأمر وقد يكون صاحب السفينة أو يعمل عليها لحساب صاحب السفينة و المجدمي/المقدمي/ رئيس البحارة ونائب النوخذة و يتولى أمر المعيشة على ظهر السفينة من تجهيز طعام وخلافه إضافة إلى الغواص وهو العمود الفقري لرحلة الغوص إذ يقوم بأشق الأعمال وهي الغوص بحثا عن اللؤلؤ و السيب الذي يسحب الغواص و التباب / الوليد/ وهم أطفال لا تتجاوز أعمارهم 12 سنة غالبا ما يكونون أبناء العاملين على السفينة و يقومون بأعمال بسيطة والنهام الذي يقوم بالقاء الأهازيج الترفيهية أثناء الرحلة وغالبا ما يكون الغواص أو السيب و الرضيف وهم الصبية الذين يقومون بمساعدة الغواص و السيب و فلق المحار وبعض الأعمال على ظهر السفينة و السكوني الذي يقود السفينة ويتبع أوامر النوخذة بالاتجاهات والمجرى و مجدمي تفر و هو الطباخ و قد يمارس عمله كسيب و يلاس وهو سيب احتياطي ويمارس فلق المحار.
و استخدم أهالي الشارقة من البحارة القدامى أدوات عديدة لصناعة السفن الخشبية التقليدية التي يمكن مشاهدتها في المتحف منها المجدح/المقدح/ و الرندة و المنقر والمناشير و المطرقة و المنقزة و المقطع و مسمار أبوفلس و الهنداسة و مسحل و جدوم .
و كان لشراع السفن وظيفة خاصة لتسيير السفينة بشكل أسرع للتحكم باتجاهها و تتميز الأشرعة المستخدمة وتستعمل حسب نوع الهواء كالشراع العود و يستخدم أثناء الرياح الخفيفة و المياني و يستخدم في حال وجود دقلين في المحمل و كل دقل مرتبط به شراع و الجيب و يستخدم عند هبوب عواصف و التكريت و يستخدم في السفن التجارية .. أما عن أغراض الصيد فتتكون من القرقور و الشباك" الليخ السالية الحظرة السكار تحويطة شب ضغاية أو ضغوة مكوسر بساط هيال والياروف" إضافة إلى الميدار و الكفشة و البلد والمنتب و كان البحارة يتغنون بأهازيج بحرية جميلة تتنوع على حسب العمل المقام به وهناك أهازيج للصيد وأهازيج أخرى أثناء فلق المحار وأهازيج وقت رفع الشراع.
و من أبرز المقتنيات بمتحف الشارقة البحري التي يستعرضها سفينة البغلة "القاسمية" الموجودة في المرسى خارج مبنى المتحف مباشرة، وهي آخر سفينة من هذا النوع موجودة حتى يومنا هذا في دول الخليج واللؤلؤة و التي يعتقد أنها إحدى أقدم اللآلئ المعروفة في العالم و التي اكتشفها علماء الآثار في موقع لمقبرة ساحلية في الشارقة وقدر عمرها بسبعة آلاف سنة، وكانت تلبس كقطعة من الحلي في ذلك الزمان تماما مثلما هو الحال الآن و سفينة الصمعا و المجهزة بكامل عدتها وعلى أهبة الاستعداد لخوض غمار رحلة غوص جديدة.
و يقدم " المتحف البحري " لزواره خلال العام فعاليات مفيدة لأفراد المجتمع منها فعالية من حق الليلة وفعالية يوم السنيار و فعالية اليوم الوطني و عمل ورش للعوائل و طلاب المدارس وفي الوضع الراهن يتخذ المتحف إجراءات احترازية باستقبال عدد محدود من الزوار لدخوله و تخصيص عدد محدود في كل قاعة و اجراء فحص حرارة و الإلتزام بلبس الكمامات في مواجهة الظرف الراهن الذي أوجدته جائحة كورونا.