أكد صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة التزام إمارة الشارقة بدعم اللاجئين ومد يد العون لهم عبر برامج مستدامة، وذلك بما ينسجم مع مشروعها الثقافي والحضاري، مشيرا إلى أهمية المؤسسات العاملة في المجال الإنساني، كونها استطاعت أن توحد الجهود والطاقات والقدرات وتحولها إلى مشاريع مستدامة غيرت حياة مئات الآلاف بل و الملايين من اللاجئين والمحتاجين حول العالم.
جاء ذلك خلال كلمة سموه التي خاطب فيها المجتمع الدولي وقادة العمل الإنساني في حفل الإعلان عن الفائز بجائزة الشارقة الدولية لمناصرة ودعم اللاجئين بدورتها الخامسة التي نظمت افتراضيا عبر مواقع التواصل الاجتماعي التابعة لمؤسسة القلب الكبير ظهر اليوم الذي يصادف يوم اللاجئ العالمي.
وقال صاحب السمو حاكم الشارقة : " أهلا بكم في بلدكم وإمارتكم التي عاهدت العالم أن تبقى سندا للمستضعفين والضحايا في كل مكان، وأن تعمل على ترسيخ قيم التعاون والشراكة من أجل بناء عالم تسوده المحبة والعدالة ".
وأضاف سموه : " في ديننا الحنيف كما في ثقافتنا العربية، فإن الوقوف إلى جانب المحتاجين والمستضعفين هو واجب وليس مجرد اختيار، وهو أيضا نهج يومي وليس ردة فعل.. وبلا شك فإن هذه الثوابت في ديننا وثقافتنا تتقاطع مع ثوابت جميع الأمم والثقافات لأن مساعدة الضعيف أو المحتاج قيمة أصيلة ومتجذرة في كل ثقافة وقريبة ومحببة لكل نفس " .
و أكد سموه أن المؤسسات العاملة في المجال الإنساني تستحق التفاف المجتمعات حولها وتوفير كل مقومات الدعم لبرامجها ومبادراتها، كونها أصبحت بوابة أمل للاجئين وعنوانا موثوقا لكل من يبحث عن وسيلة ليساهم بما يستطيع في العمل الإنساني.
وقال صاحب السمو حاكم الشارقة : " اليوم وفي ظل انفتاح الثقافات وترابطها، تسعى كل أمة نحو التميز بثقافة أبنائها، ونحو تعزيز قيم الترابط والتلاحم والعطاء للحفاظ على وحدة مجتمعاتها، فالمجتمعات تشكلها القيم، والأعمال تخلق هذه القيم ومن يعمل خيرا وينصر مستضعفا ومحتاجا ينشر ثقافة الخير والتعاطف والتراحم في محيطه ".
وتساءل سموه : " كيف يمكن لأمة أن تثق بنجاح مشروعها الثقافي الإنساني الداخلي إذا لم تمارس هذه الثقافة فعلا وتتخذ مواقف إنسانية مع المجتمعات والأمم الأخرى؟ وأضاف : " إنها علاقة تبادلية، فثقافات الشعوب والأمم وهوياتها لا تتشكل في الفراغ بل في سياق اندماجها مع ما يجري في العالم، وبشكل خاص وقوفها إلى جانب المحتاجين والضعفاء، لهذا عندما نقف مع الآخرين نقف مع أنفسنا وعندما نمد يدنا للفئات والمجتمعات المستضعفة إنما نمد يدنا لمجتمعاتنا ونأخذها نحو مستقبل مستقر ومزدهر ".
وقال سموه في ختام كلمته : " و نحن نقف اليوم لنكرم رموزا في العمل الإنساني نسأل الله أن يرفع الكرب عن كل محتاج و أن يعين أصحاب الخير ويثبت مواقفهم ويجعل بوصلتهم دوما الحق والعدالة والاستقرار".
و أعلن خلال الحفل الذي نظم تحت رعاية صاحب السمو حاكم الشارقة، وقرينته سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، رئيسة مؤسسة القلب الكبير المناصرة البارزة للأطفال اللاجئين لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فوز منظمة "ريفيوشي" من كينيا بالدورة الخامسة للجائزة والتي تبلغ قيمتها 500 ألف درهم إماراتي والتي قدمت نماذجا ملهمة في العمل مع الأطفال والفتيات والنساء من اللاجئين، ووفرت لهم برامج الدعم وتطوير المهارات ليحققوا غاياتهم بالعيش بكرامة واستقرار.
وتعمل المنظمة الإنسانية الفائزة "ريفيوشي" من جمهورية كينيا، على تلبية احتياجات الأطفال والفتيات والنساء ضحايا الحروب والأزمات الذين يعانون من ظروف صعبة وذلك من خلال برامج لتوفير المأوى، والاستشارات النفسية، والتعليم المتخصص، وتنمية الطفولة المبكرة، والأمومة، والمهارات الحياتية، إلى جانب توفير الدعم القانوني، وتنظيم برامج التوعية المجتمعية والتدريب المهني للاجئين خاصة الفتيات اللاجئات والشابات اليتيمات والأرامل والمطلقات.
فقد ساعدت المنظمة، التي تأسست في العام 2008، نحو 388 فتاة وشابة لاجئة في العام 2019 و دعمت منذ العام 2008، أكثر من 3715 فتاة لاجئة من خلال برامجها المختلفة.
وتقديرا من إمارة الشارقة ومؤسسة القلب الكبير للجهود الكبيرة والمؤثرة في حياة اللاجئين من قبل المؤسسات المترشحة للقائمة النهائية للجائزة، أعلنت المؤسسة خلال الحفل تخصيص منحة مالية استثنائية بتمويل مشترك مع مؤسسة نماء للارتقاء بالمرأة قدرها 1.1 مليون درهم إماراتي /300 ألف دولار/ لدعم المشاريع المستقبلية للاجئين، توزع بالتساوي بين المؤسسات التي ترشحت للقائمة النهائية وهي الشبكة الدولية للإعانة والإغاثة والمساعدة /إنارا/ من لبنان والمعنية بتمويل تكاليف العلاج الطبي للأطفال والشباب اللاجئين الذين أصيبوا خلال الصراعات، ومؤسسة زهرة اللوتس من كردستان العراق المتخصصة بتمكين النساء من خلال التعليم ومنحهن الأدوات اللازمة للاعتماد على الذات، وذلك بالإضافة إلى المؤسسة الفائزة بالجائزة "ريفيوشي".
من جانبه، قال فيليبو غراندي، المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين خلال كلمته في الحفل :" يشرفني أن أشارك للمرة الثالثة في حفل جائزة الشارقة الدولية لمناصرة ودعم اللاجئين، الذي يتزامن مع يوم اللاجئ العالمي، الذي نحتفي فيه باللاجئين الذين أجبروا على ترك منازلهم وأوطانهم، حيث يوجد اليوم أكثر من 80 مليون لاجئ ونازح داخلي في جميع أنحاء العالم يعيشون حياة مضطربة يغيب عنها الاستقرار والأمان بسبب أعمال العنف والحروب، وهم بحاجة إلى حمايتنا ومساعدتنا ".
و أكد غراندي أن هذا الحفل يشكل فرصة لتسليط الضوء على معاناة وقصص نجاحات اللاجئين ومساهمات الأفراد والمنظمات الذين كرسوا حياتهم وجهدهم لمساعدة اللاجئين والنازحين، معبرا عن سعادته بالمشاركة إلى جانب قرينة صاحب السمو حاكم الشارقة سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي رئيسة مؤسسة القلب الكبير المناصرة البارزة للأطفال اللاجئين لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وأضاف : " بذلت سمو الشيخة جواهر القاسمي، كما فعل الفائزون بالجائزة هذا العام، جهودا حثيثة لدعم اللاجئين والنازحين، وتحت رعايتها الكريمة، تمكنت مؤسسة القلب الكبير من تقديم المساعدة لإنقاذ حياة اللاجئين والمجتمعات المضيفة، حيث قدمت في عام 2020 فقط مساعدات كبيرة لمواجهة جائحة كورونا، إلى جانب المساعدات الإغاثية لضحايا انفجار بيروت، والفيضانات في السودان، كما كانت هذا العام في طليعة المنظمات التي قدمت العون لضحايا الحريق الضخم الذي شب في مخيمات لاجئي الروهينغا في منطقة كوكس بازار في بنغلاديش ".
وقال غراندي : " أدت جائحة كوفيد 19 و ما نجم عنها من تبعات اجتماعية واقتصادية إلى تفاقم معاناة الفئات الأكثر ضعفا في أنحاء العالم و كان لها تأثير كارثي على النساء و الفتيات بشكل خاص ما دعا إلى منح جائزة هذا العام إلى منظمة "ريفيوشي" التي تؤمن بحق كل امرأة و فتاة بالحصول على فرصة لتحسين حياتها، ونحن نعتبر أن التزامها بحماية وتمكين اللاجئات من النساء والفتيات في كينيا خاصة غير المصحوبات بذويهن إنجاز يستحق الثناء، إلى جانب مساهمتها المؤثرة عبر برامجها الشاملة في توفير الفرص للفتيات اللاجئات وتعزيز رفاههن على كل المستويات خاصة خلال الظروف التي يشهدها العالم اليوم ".
و في كلمتها خلال الحفل قالت مريم الحمادي، مدير مؤسسة القلب الكبير : " منذ أن أطلقت مؤسسة القلب الكبير جائزة الشارقة الدولية لمناصرة ودعم اللاجئين، ونحن نستقبل سنويا المئات من المشاركات، وبالطبع لا يكون الاختيار بالأمر السهل، لأن لكل تجربة خصوصية، ولكل مشروع إنساني قصة تستحق الدعم والتكريم".
و أوضحت الحمادي أن الدورة الخامسة من جائزة الشارقة الدولية لمناصرة ودعم اللاجئين كانت استثنائية ومميزة، مشيرة إلى أن القائمة القصيرة المرشحة للجائزة تميزت بتنوع المبادرات وثرائها وعملها وفق منهج مبدع وناجح ما جعل المنافسة بينهم قوية وقريبة للغاية.
و اعتبرت الحمادي أن تجربة المنظمة الإنسانية "ريفيوشي" استثنائية بعثت الأمل في نفوس الآلاف من الفتيات والنساء ووفرت لهن التعليم وأدوات الإنتاج المادي والمعنوي فتحولن من لاجئات ينتظرن المساعدة إلى منتجات فاعلات في مجتمعاتهن، لافتة إلى أن هذا التكريم هو أقل ما يمكن عمله تقديرا لجهودها المميزة ليستمر نورها في الانتشار ويفتح في جدار المستحيل نافذة لحق الإنسان في العيش بكرامة وهو ما سيتحقق بإذن الله بالعمل والثبات على المواقف النبيلة.
وقالت : " ولأننا اعتدنا في الشارقة أن نعمل معا، وأن نتكاتف من أجل الخير وإعلاء قيمة الإنسان، بادرت مؤسسة نماء للارتقاء بالمرأة، بمشاركة مؤسسة القلب الكبير بتمويل المنحة الاستثنائية التي تضمنتها الجائزة في هذه الدورة كون مشاريع المؤسسات المرشحة تنسجم مع رؤية مؤسسة نماء حول تمكين المجتمعات بدعم النساء والفتيات".
و أضافت الحمادي إن هذا التكريم يجسد إيماننا الراسخ بقدرة العمل الإنساني على مساعدة الإنسان والارتقاء بمواهبه وقدراته ودعمه حتى تتحول أحلامه إلى حقائق ملموسة رغم قسوة الظروف ".
و تقدمت بالشكر للجنة تحكيم الجائزة والمؤلفة من البروفيسور كيفن ميتشل مدير الجامعة الأميركية في الشارقة، وبترينا ساتفيندر من مؤسسة منظمة الكرامة، والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وفريق مؤسسة القلب الكبير.
بدوره قال جيفري ثيج، مؤسس منظمة "ريفيوشي" : " بعد عدة أعوام من دعم اللاجئين، استطعنا أن نسلط الضوء على جهودنا من خلال هذه الجائزة العالمية، ويسعدني أن أشهد دعم مؤسسات ومنظمات عالمية مثل مؤسسة القلب الكبير والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، للعمل الإنساني والخيري الموجه نحو اللاجئين، وأتوجه بالشكر الجزيل لتسليط الضوء على منظمتنا والأعمال الإنسانية التي تقوم بها " .
وأضاف : " منذ انطلاقها، نجحت منظمة /ريفيوشي/ بدعم أكثر من 5000 مستفيدة بشكل مباشر ووصل عدد المستفيدات بشكل غير مباشر إلى 20000 شابة لاجئة وأطفالهن، واستطعنا إعادة توطين عدد كبير منهن في دول مثل الولايات المتحدة وكندا".
وقدمت الحفل الافتراضي للإعلان عن الفائز بالنسخة الخامسة من جائزة الشارقة الدولية لمناصرة ودعم اللاجئين الإعلامية ميسون عزام، التي استحضرت تجربتها الشخصية كلاجئة باعتبارها ولدت لأسرة فلسطينية لاجئة وقالت : " إن اللاجئ يعرف معنى أن يسير اللاجئون للبحث عن أحلامهم، مع تأكيدها لأهمية العمل الإنساني الذي يفتح أمام اللاجئ فرصا للنجاح" .
واستقطبت الجائزة 213 مشاركة من 41 دولة هذا العام، حيث تصدرت أفريقيا قائمة الملفات المرشحة بواقع 105 ملفات بنسبة 49 % من إجمالي عدد الملفات التي تلقتها الجائزة، تلاها آسيا بإجمالي 94 ملفا، ثم أوروبا وأمريكا الشمالية وباقي دول العالم بإجمالي 14ملفا.
وتلقت الجائزة أكبر عدد من الملفات المرشحة بحسب الدول .. من نيجيريا 42 ملفا، تلتها لبنان 16 ملفا، ثم كينيا وأوغندا بـ 14 ملفا لكل منهما، وكل من الأردن وباكستان بـ 13 ملفا، وبنغلاديش بـ 9 ملفات، وكل من فلسطين والهند بـ 7 ملفات، واليمن والعراق بـ 6 ملفات لكل منهما والصومال بـ 5 ملفات.