يحرص المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة منذ إطلاقه النسخة الأولى من المنتدى الدولي للاتصال الحكومي في عام 2012 على تحقيق إضافة نوعية لمجمل الحراك الثقافي والمعرفي في المنطقة والعالم من خلال تبنيه قضايا مهمة وجريئة تجسدت في الشعارات التي رفعتها كل دورة من دورات المنتدى التي ظلت تمثل استجابة للتحديات التي تواجه فرق الاتصال في كل مرحلة.
وأوضح سعادة طارق سعيد علاي مدير المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة أن فكرة المنتدى التي كانت قبل عشرة أعوام جديدة على المنطقة نجحت في الإجابة على سؤالين الأول يتعلق بمصير العلاقة بين المؤسسات الحكومية والمجتمعات في المستقبل والثاني حول ماهية النموذج الذي يجب أن تقدمه الشارقة كدليل على أهمية الشراكة من أجل تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة.
وأكد علاي أن رعاية ودعم صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة شكلت رسالة لتوجه الإمارة بمؤسساتها الحكومية وشبه الحكومية تجاه الاستثمار في الاتصال الحكومي وتوظيف أثره في الوصول لتطلعات المشروع الحضاري للإمارة حيث قاد ذلك لدعم من المؤسسات الرسمية والخاصة في الدولة والمنطقة واهتمام من الخبراء وذوي الاختصاص ليصبح بالتخطيط والعمل والمثابرة المنصة العالمية الأبرز التي تتناول علاقة المؤسسات والحكومات بالجمهور من خلال الاتصال الحكومي.
وأضاف أن النسخة العاشرة من المنتدى ستشكل استثماراً نوعياً في توصيات ومخرجات دوراته السابقة وستجمع مسؤولين وصناع قرار وخبراء من كل العالم ليشاركوا جمهور المنتدى خلاصة تجاربهم والآلية التي يمكن أن تتكيف بواسطتها ثقافة الاتصال الحكومي مع المتغيرات الدولية الحادة.
وخلال سرده لمسيرة انطلاق المنتدى لفت علاي إلى أن نسخته الأولى التي عُقدت تحت شعار "دور الاتصال الحكومي في إدارة عملية التطوير" تزامنت مع عدة عوامل داخلية وخارجية حيث كان العالم يسعى نحو التعافي من الأزمة المالية التي حدثت في 2008 بينما كانت دولة الإمارات تؤسس لمرحلة جديدة من تعزيز العمل الحكومي وتطوير علاقة المؤسسات بالجمهور وإشراك مكونات المجتمع في عملية البناء فكان المنتدى شريكاً لتطلعات المجتمعات نحو تحقيق طموحاتها بالتنمية عبر تجاوز المرحلة السائدة واستخلاص الدروس التي تجعل من فرق الاتصال الحكومي شريكة في التطوير.
أما النسخة الثانية من المنتدى في عام 2013 التي حملت شعار "تواصل فعّال.. خطاب موحد" فجاءت استجابة لأهم تحديات الخطاب الرسمي التنموي وهو توحيد الرسائل الأساسية الموجهة للجمهور والتي تعبر عن رؤية تنموية يتشارك فيها المجتمع والمؤسسات بالإيمان والعمل والإبداع مؤكدا أن هذه النسخة رسخت مكانة المنتدى كمنصة إقليمية وعالمية موثوقة ملتزمة بمصالح المجتمعات وداعمة لتطلعاتها إلى جانب أنها كانت نقطة تحول كبيرة في مسيرته من حيث حجم المشاركة الدولية والاهتمام من قبل المؤسسات المحلية والإقليمية.
وحول النسخة الثالثة من المنتدى قال العلاي : " جاءت هذه النسخة في 2014 تحت شعار /أدوار مختلفة .. رؤية واحدة/ لتستثمر في الدورتين السابقتين حيث تناولت أهمية التنوع في منصات وآليات ورسائل الاتصال الحكومي مع التزمها برؤية موحدة فالجمهور ليس كياناً واحداً بل عدة كيانات موزعة على فئات متفاوتة في اهتماماتها ومستويات تعليمها وأنماط تفكيرها وطبيعة أعمالها ما يستوجب فهم كل فئة واختيار المنصة والآلية السليمة التي تجعلها أكثر استجابةً لفرق وإدارات الاتصال الحكومي " .
وفي نسخته الرابعة في عام 2015 التي نُظمت تحت شعار "خطوات محددة..
نتائج أفضل" انتقل المنتدى من ترسيخ المفهوم إلى المزيد من التخصص في طرح التفاصيل المتعلقة بقواعد ومهارات الاتصال الحكومي حيث يشير علاي إلى أن هذه اانسخة ركزت على ورش العمل المهنية والعلمية وعلى مشاركة المختصين والخبراء وأصحاب التجارب في لقاءات مباشرة جمعتهم مع الجمهور بالإضافة إلى أنها استثمرت في دراسات الحالة والنماذج الحية مستندة بذلك إلى تجارب عالمية في مجال الاتصال الحكومي.
ونوه علاي إلى أن النسخة الخامسة في عام 2016 من المنتدى التي عُقدت تحت شعار "نحو مجتمعات ترتقي" وتزامنت مع المزيد من التعافي الاقتصادي والاجتماعي الذي شهده العالم جراء الأزمة المالية أكدت أهمية دور الاتصال الحكومي في توظيف المنجزات الاقتصادية في التنمية الاجتماعية والارتقاء بجودة حياة الناس مشيراً إلى أن المنتدى جمع بين منظمات المجتمعات المحلية ومنظمات المجتمع الدولي وممثلين عن الشباب والمرأة ليؤكد أن الإرتقاء بالمجتمع هو فعل جماعي مشترك وأن دور الإتصال الحكومي هو صناعة ثقافة الإرتقاء لدى جميع الفئات وتوجيهها لتصبح ممارسات يومية تسهم وتسرع في تحقيق الطموحات المشتركة.
ولأن الإمارات كانت من أوائل الدول التي وقعت على الأهداف الإنمائية للألفية الثانية منذ إطلاقها في العام 2000 ومن الدول المساهمة بشكل كبير في إعادة صياغة أهدافها ومسارها وإعادة إطلاقها تحت مسمى أهداف التنمية المستدامة للعام 2030 جاءت النسخة السادسة من المنتدى في 2017 تحت شعار "مشاركة مجتمعية.. تنمية مستدامة" لتترجم رؤية الدولة في هذا السياق ولتسهم في تحقيق المساعي الدولية نحو تحقيق الأهداف التنموية، بحسب طارق علاي.
وقال علاي حول استمرار التطور في وظيفة ودور المنتدى الدولي للاتصال الحكومي كان لا بد للمنتدى أن يقف بمهنية عالية أمام التطورات الرقمية في مجال الاتصال وأن يبحث سبل الاستفادة منها وتوظيفها لخدمة رسائله وغاياته فجاءت نسخته السابعة في عام 2018 تحت شعار "الألفية الرقمية.. إلى أين؟" لتجمع خبراء تقنيات التواصل ومختصي الاتصال على منصة واحدة بما يتيح لهم رصد المزاج العام للجمهور وكيفية تعاطيه مع المعلومات من مصادرها المختلفة الأمر الذي يسهم في تحسين قدراتهم على إدارة حملاتهم بفعالية ودقة ومراعاة المؤثرات الأخرى التي تفرزها منصات التواصل المتعددة.
وذكر مدير المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة أن النسخة الثامنة من المنتدى في عام 2019 تناولت ما يعرف بالاتصال السلوكي حيث اختار المنتدى شعار "تغيير سلوك.. تطوير إنسان" ليؤكد أن ممارسات الأفراد تحددها الثقافة وليس الجينات الوراثية وأنها قابلة للتطوير بالاتصال الممنهج والموجه والمبني على دراسات سلوكية واجتماعية ونفسية موضحاً أن هذه النسخة ركزت على أهمية تنويع التخصصات في فرق الاتصال الحكومي عبر إشراك علماء اجتماع وخبراء السلوك ومختصي جمع البيانات وتحليلها إلى جانب إشراك الأفراد في مبادرات تغيير السلوك ليتحملوا بذلك مسؤولياتهم في تنمية المظاهر الحضارية في مجتمعاتهم.
وبهدف توسيع حجم المشاركين والتأكيد على أن الاتصال عملية متكاملة ومتداخلة يجب أن تعمل على محاور متعددة من أجل إنجاح رسالة واحدة أوضح علاي أن المنتدى تبنى في النسخة التاسعة التي عقدت في 2020 مبدأ المحاور المتنوعة بدلاً من الشعار الواحد مشيراً إلى أن المحاور هي: "ترسيخ ثقافة التفاعل في الحكومة" و"التكنولوجيا كممكن للمجتمعات" و"الاتصال عبر الثقافة" و"الرّفاه الفردي والمجتمعي".
وقال : إن هذه النسخة التي سبقت بقليل انتشار جائحة كورونا خرجت بدروس كبرى فعام 2020 لم يكن بالنسبة للمكتب الإعلامي لحكومة الشارقة مجرد عام من الإغلاق وانقطاع الفعاليات بل كان بمثابة تحول نوعي في مفاهيم وثقافة الاتصال الحكومي إذ دفعتنا الأزمة للتفكير في ابتكار آليات جديدة للتواصل وإدارة الأزمات ووضعتنا أمام أسئلة محورية حول كيفية تعاطي فرق الاتصال الحكومي مع تحديات المستقبل.
وأوضح علاي أنه نتيجة للمتغيرات التي شهدها العالم خلال العام 2020 جراء تعرضه لجائحة كورونا ومع اقتراب موعد انعقاد نسخته العاشرة تحت شعار "دروس الماضي .. تطلعات المستقبل" في 26سبتمبر المقبل يعلن المنتدى عن بداية مرحلة جديدة في الاتصال عموماً والاتصال الحكومي بشكل خاص حيث سيطرح من خلالها جملة من الأسئلة تتعلق بدور المنتدى الجوهري في تمكين الحكومات حول العالم من مواكبة التطورات المستقبليّة في الاتصال الحكومي والدور المنتظر من الاتصال الحكومي في تحقيق خطط الحكومات وتنفيذ استراتيجياتها على أرض الواقع وكيف يمكن للإعلام أن يكون شريكاً مع الحكومة في الوصول إلى تنميّة مستدامة وشاملة.